في عام 2013، وبينما كانت شوارع مدينة بوسطن تعجّ بالحركة، كانت شابة تُدعى كوليت ديفيتو (Collette Divitto) تجلس على طاولة صغيرة في غرفتها، تقلب في أوراق الوظائف، وعيناها مملوءتان بالأمل.
كانت قد أنهت دراستها حديثًا من جامعة كليمسون في ولاية ساوث كارولاينا، حيث تخصصت في إدارة الأعمال. حملت شهادتها، وابتسامتها، ومضت تقدم طلبات التوظيف الواحد تلو الآخر.
لكن الأبواب لم تُفتح.
خمسة عشر مرة، تقدّمت كوليت لوظائف مختلفة، وخمس عشرة مرة، قوبلت بالرفض… ليس بسبب ضعف مهاراتها أو قلة مؤهلاتها، بل ببساطة لأنها وُلدت بمتلازمة داون.
كان العالم يراها من زاوية واحدة، ويغفل عن الإنسانة القوية الطموحة التي تسكنها.
ومع كل "لا" كانت تتلقاها، لم تنكسر كوليت، بل اشتعل في داخلها إصرار مختلف… إصرار على ألا تكون ضحية لنظرة مجتمعية قاصرة.
في عام 2015، من مطبخ صغير في بيت عائلتها بـ"ساوث إند" في بوسطن، ماساتشوستس، بدأت تصنع الكوكيز – ليس كهواية، بل كفكرة مشروع.
كانت وصفتها الخاصة، التي كانت تعدّها لسنوات لعائلتها وأصدقائها، هي نقطة البداية. أطلقت على أول وصفة اسم "The Amazing Cookie" – الكوكيز المدهشة، وكانت فعلاً كذلك.
أطلقت علامتها التجارية باسم Collettey's Cookies، وبدأت تبيع الكوكيز بنفسها: في الأسواق، عبر الإنترنت، وفي المعارض الصغيرة.
ومع الوقت، تحوّل مشروعها الصغير إلى قصة نجاح وطنية. بدأت وسائل الإعلام تتحدث عنها، وتنهال عليها الطلبات من كل أنحاء أمريكا.
وبحلول عام 2020، كانت قد باعت أكثر من مليون قطعة كوكيز، وأسست شركة حقيقية، يعمل بها فريق من 15 موظفًا، العديد منهم من ذوي الإعاقات، الذين وجدوا معها مساحة عمل آمنة ومحترمة تمنحهم الثقة والدعم.
لكن نجاح كوليت لم يكن مجرد رقم أو مبيعات، بل كان صرخة قوية في وجه التمييز، ورسالة واضحة بأن الإعاقة لا تُلغي القدرة.
اليوم، تقف كوليت، لا كصاحبة مشروع فحسب، بل كمُلهمة وناشطة اجتماعية. تلقي كلمات في المؤتمرات، وتزور المدارس، وتناضل من أجل حقوق ذوي الهمم، وتنقل رسالتها لكل من يشعر بالضعف أو الرفض:
"إذا قال لك أحدهم: لا يمكنك فعل شيء… أدر له ظهرك، واصنع طريقك بنفسك."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق