" ﻋﻨﺰﺓ ﻭﻟﻮ ﻃﺎﺭﺕ "
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﺫﺍﺋﻊ ﺍﻟﺼﻴﺖ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﻣﺼﺮ، ﻭﻳﺮﺩ ﻓﻲ ﺻﻴﻎ ﻋﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ : ﻋﻨﺰﺓ ﻭﻟﻮ ﻃﺎﺭﺕ، ﺃﻭ ﻋﻨﺰ ﻭﻟﻮ ﻃﺎﺭ .
ﻭﻳﻘﺎﻝ ﺇﻥ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺜﻞ " ﻋﻨﺰﺓ ﻭﻟﻮ ﻃﺎﺭﺕ " ﻫﻲ ﺃﻥ ﺻﺪﻳﻘﻴﻦ ﺣﻤﻴﻤﻴﻦ ﻭﻣﻘﺮﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺑﻌﻀﺎ ﻳﺘﺠﺎﺩﻻﻥ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺍﻟﻤﻠﺘﻒ ﻋﻠﻰ ﺃﻏﺼﺎﻥ ﺷﺠﺮﺓ ﻋﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻭﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﻈﻬﺮ، ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻭﻫﻮ ﺃﺷﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﺇﺑﺼﺎﺭﺍً " ﻫﺬﺍ ﻏﺮﺍﺏ " ، ﻭﻟﻜﻦ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﻜﺮﺍً " ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ " ﻫﺬﻩ ﻋﻨﺰ .
ﻭﺍﺷﺘﺪ ﺍﻟﺠﺪﺍﻝ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﻭﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻛﺪﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻫﻮ ﻏﺮﺍﺏ، ﻭﻭﺍﺻﻞ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻋﻨﺎﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻃﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻐﺮﺍﺏ ﻭﻇﻬﻮﺭﻩ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻏﺮﺍﺏ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﻳﻪ ﻭﻗﺎﻝ " ﺇﻧﻬﺎ ﻋﻨﺰﺓ ﻭﻟﻮ ﻃﺎﺭﺕ ."
ﻭﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺁﺧﺮ ﻟﻠﻤﺜﻞ ﻭﻗﺼﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻥ ﺭﺟﻼً ﻣﺴﻠﻮﺏ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻣﺮﺃﺗﻪ، ﻭﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺃﻥ ﻳﺒﻴﻊ ﺑﻄﺔ ﻣﻦ ﺑﻄﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﻨﺰﺓ، ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺒﻄﺔ ﻟﻠﺒﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﻨﺰﺓ .
ﻭﻫﻨﺎ، ﺿﺤﻚ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﻭﻥ، ﻭﺑﻘﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣُﺼﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺿﻪ ﻟﻠﺒﻴﻊ ﻫﻲ ﻋﻨﺰﺓ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺑﻄﺔ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻨﻪ ﺭﺟﻞ ﺣﻜﻴﻢ ﻭﺣﻤﻞ ﺍﻟﺒﻄﺔ ﻭﺗﺮﻛﻬﺎ ﺗﻄﻴﺮ ﻓﻄﺎﺭﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﺑﻘﻲ ﻣﻌﺎﻧﺪﺍً ﻛﺬﻟﻚ، ﻭﻗﺎﻝ " ﺇﻧﻬﺎ ﻋﻨﺰﺓ ﻭﻟﻮ ﻃﺎﺭﺕ ."
ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺺ ﻟﻠﻤﺜﻞ، ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻀﺮﺑﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻨﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻭﺿﻮﺡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .
ﻭﻳﻘﺎﻝ ﺇﻥ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺜﻞ " ﻋﻨﺰﺓ ﻭﻟﻮ ﻃﺎﺭﺕ " ﻫﻲ ﺃﻥ ﺻﺪﻳﻘﻴﻦ ﺣﻤﻴﻤﻴﻦ ﻭﻣﻘﺮﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺑﻌﻀﺎ ﻳﺘﺠﺎﺩﻻﻥ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺍﻟﻤﻠﺘﻒ ﻋﻠﻰ ﺃﻏﺼﺎﻥ ﺷﺠﺮﺓ ﻋﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻭﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﻈﻬﺮ، ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻭﻫﻮ ﺃﺷﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﺇﺑﺼﺎﺭﺍً " ﻫﺬﺍ ﻏﺮﺍﺏ " ، ﻭﻟﻜﻦ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﻜﺮﺍً " ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ " ﻫﺬﻩ ﻋﻨﺰ .
ﻭﺍﺷﺘﺪ ﺍﻟﺠﺪﺍﻝ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﻭﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻛﺪﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻫﻮ ﻏﺮﺍﺏ، ﻭﻭﺍﺻﻞ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻋﻨﺎﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻃﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻐﺮﺍﺏ ﻭﻇﻬﻮﺭﻩ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻏﺮﺍﺏ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﻳﻪ ﻭﻗﺎﻝ " ﺇﻧﻬﺎ ﻋﻨﺰﺓ ﻭﻟﻮ ﻃﺎﺭﺕ ."
ﻭﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺁﺧﺮ ﻟﻠﻤﺜﻞ ﻭﻗﺼﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻥ ﺭﺟﻼً ﻣﺴﻠﻮﺏ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻣﺮﺃﺗﻪ، ﻭﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺃﻥ ﻳﺒﻴﻊ ﺑﻄﺔ ﻣﻦ ﺑﻄﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﻨﺰﺓ، ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺒﻄﺔ ﻟﻠﺒﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﻨﺰﺓ .
ﻭﻫﻨﺎ، ﺿﺤﻚ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﻭﻥ، ﻭﺑﻘﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣُﺼﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺿﻪ ﻟﻠﺒﻴﻊ ﻫﻲ ﻋﻨﺰﺓ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺑﻄﺔ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻨﻪ ﺭﺟﻞ ﺣﻜﻴﻢ ﻭﺣﻤﻞ ﺍﻟﺒﻄﺔ ﻭﺗﺮﻛﻬﺎ ﺗﻄﻴﺮ ﻓﻄﺎﺭﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﺑﻘﻲ ﻣﻌﺎﻧﺪﺍً ﻛﺬﻟﻚ، ﻭﻗﺎﻝ " ﺇﻧﻬﺎ ﻋﻨﺰﺓ ﻭﻟﻮ ﻃﺎﺭﺕ ."
ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺺ ﻟﻠﻤﺜﻞ، ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻀﺮﺑﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻨﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻭﺿﻮﺡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .
ﻧﺎﻳﻒ ﺍﻟﻨﻮﺍﻳﺴﺔ
ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ " ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﺜﻞ "
ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ " ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﺜﻞ "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق